احدى تلك المصطلحات، التي نسمعها كثيراً في الميدان السياسي اليوم، هو “العقد الاجتماعي”؛ ولكن احداً لم يذكر لنا ما المقصود بهذا العقد، وهل هو عقد قانوني مثله مثل أي عقد مبرم بين طرفين أو أكثر؟ هذا المقال يشرح ماهية العقد الاجتماعي ووثائق المبادئ فوق الدستورية.

 

ان مفهوم العقد الاجتماعي ليس مفهوم جديد على الإطلاق، بل يعود تاريخه للعصور الرومانية القديمة. بيد ان الرومانيين القدماء لم يجدوا له تعريفاً دقيقاً، فقد كان عرفاً سائداً فرضته ظروف الحياة والحروب في تلك الحقبة.

بدأ ظهور فكرة العقد الاجتماعي في شكلها الفلسفي في كتابات وافلاطون وسقراط. حيث دعا سقراط إلى تشكيل مجتمع سياسي، وهو ما نعرفه اليوم باسم “البرلمان”. ولكن سقراط جعل هذا المجلس، الذي يمتلك سلطة الدولة، مقتصراً على “النخبة” المجتمعية من الرجال، مستبعداً منه الطبقة العاملة والنساء. كما انه اقترح ان الدولة هي التي تحقق وجود الفرد الحقيقي.

وفيما بعد، جاء في مقدمة ابن خلدون انه يجب ان يكون هناك ما ينظم العلاقة بين الحاكم والشعب، مشيراً إلى ان قيام السلطة ضرورة طبيعية، وبما ان طبيعة الحاكم تميل إلى السيطرة والطغيان، فيجب على افراد المجتمع ان يبادروا بطلب ما ينظم هذه العلاقة.

 

ولكن بالرغم من قدم فكرة العقد الاجتماعي، إلا انها لم تقدم بالتعريف والمفهوم الذي نعرفه اليوم إلى ان تم بلورتها من قبل علماء الاجتماع في العصر الحديث، مثل توماس هوبز و جان جاك روسو. 

 

الهدف من انشاء العقد الاجتماعي هو إيجاد إطار موضوعي للتعامل بين الحاكم والمحكوم أو الشعب؛ وأيضاً لتنظيم العلاقات بين افراد الشعب نفسه.

 

ما هي الوثيقة فوق الدستورية؟

الوثائق فوق الدستورية، بشكل عام، تتضمن ما يسمى بالمبادئ فوق الدستورية؛ والتي تكون مجموعة من المبادئ اسمى من الدستور والقوانين العادية. هذه المبادئ منها ما هو دولي، كوثيقة حقوق الانسان الصادرة عن الأمم المتحدة، ومنها ما هو وطني.

المبادئ فوق القانونية الوطنية، تصاغ بحسب حاجة دولة او شعب محدد، بعيداً عن المواثيق الدولية. ونجد الاختلاف في هذه المبادئ جلياً إذا ما قارنا ما بين الوثائق فوق الدستورية الفرنسية والأمريكية والألمانية وغيرها. حيث نصت الوثيقة الفرنسية على وحدة الأراضي الفرنسية وشددت على الحفاظ على الحكم الجمهوري، وكان ذلك للحرص على عدم العودة للحكم الملكي، الذي قامت الثورة الفرنسية بالإطاحة به.

بينما في الولايات المتحدة الأمريكية، كان من أولويات وثيقة اعلان الاستقلال، التشديد على النظام الاتحادي. ولذلك نجد الدستور الأمريكي يشدد على ان أي تعديل في الدستور، يقوم به الكونغرس، لا يمكن ان يحرم أي ولاية من التصويت في مجلس الشيوخ.

هذه المبادئ المختلفة، تعرض لنا نبذة عن اختلاف حاجات كل دولة من هذه الدول، والذي أدى إلى الاختلاف في صياغة المبادئ تلك.

 

وثيقة فوق دستورية لسوريا

إن ما وصلت إليه الأوضاع في سوريا، وبعد سنين طويلة من الحرب الدموية والظلم، تجعل هذا البلد، ذو التنوع العرقي والديني والثقافي، في اشد الحاجة لوضع وثيقة مشابهة لما سبق. وثيقة تقوم على احترام الانسان بغض النظر عن دينه وعرقه وثقافته وانتماءه، وتضمن له الامن وحرية الايمان والاعتقاد والتعبير والانتماء.

ان الشخصيات التي وقعت على “مدونة سلوك لعيش سوري مشترك"، ربما كانت تسعى لاتخاذ الخطوات الأولى باتجاه ردم الهوة التي خلقتها الحرب بين أبناء البلد الواحد. فهل من الممكن ان تمثل هذه المدونة وثيقة فوق دستورية لسوريا يجتمع حولها السوريون؟

Anonyme ©

2021.03.0101.03.2021