من غير المألوف أن يقوم مدير جلسات لقاء ما، أو منظمة ما بالكتابة عن انطباعاته عن اللقاء، فمن يدير الجلسات، يكون عادة مؤتمناً على الكثير من التفاصيل والآراء، التي ترتبط بديناميكية العمل الداخلي للمؤسسة، وبأمور حساسة يدور  النقاش حولها  في الجلسات، كما أن اللقاء الأخير لمجلس المدونة السورية قد تمت تغطيته إعلامياً، من خلال مقال باللغة الألمانية في صحيفة Süddeutsche Zeitung بتاريخ 5/9/2023 ومقالة باللغة العربية في صحيفة عكاظ السعودية بتاريخ 22/9/2023، ما يعني بأن شيئاً مهماً، حدث في هذا اللقاء، تجب الإشارة إليه بشكل خاص.

بسبب بعض الظروف المرتبطة ببعض أعضاء المجلس، لم يستطع هؤلاء الأعضاء الذين اعتادوا دائماً، أن يكونوا موجودين، أن يحضروا هذا الاجتماع، الذي استمر ثلاثة أيام، وعلى الرغم من ذلك، سار الاجتماع بشكل روتيني كباقي الاجتماعات السابقة، حيث تمت مناقشة المواضيع المطروحة على جدول الأعمال، وفي اليوم الثالث كان أعضاء المجلس، على موعد مع المبعوثين الخاصين للعديد من الدول الغربية، تحديداً للشؤون السورية، وعادة وبحضورهم يقوم كلٌ من الأعضاء، بشرح وجهة نظره المرتبطة بالوضع بسورية بداية، ومن ثم يتطرق إلى رأي المجلس بشكل عام، وفي هذا اللقاء، ونظراً لغياب عدد من الأشخاص، عبّر المتحدثون بداية وأمام ممثلي المجتمع الدولي، بشكل لا يدع مجالاً للشك، بأنهم يتكلمون باسم الأعضاء الغائبين، كما لو أنهم موجودون، ولم يتحدث أي منهم حول رأيه الشخصي، أو موقفه من الأزمة السورية، بل تحدثوا باسم المجلس، ومن منطلق عمله، ومبادئ وثيقة مدونة السلوك فقط، أي أن الحاضرين، اعتبروا أنفسهم ممثلين للغائبين.

قد يتبادر للذهن بأن هذا الموضوع طبيعي..
 نعم.. قد يكون الموضوع طبيعياً، في المؤسسات أو اللقاءات، التي يلتقي فيها أشخاص، من نفس الاتجاه السياسي أو الموقف من النزاع، لكن مجلس المدونة السورية، يجمع أشخاصاً لهم مواقف متباينة، وآراء مختلفة وخلفيات متنوعة، ترتبط بالنزاع السوري وتأثيره على المجتمع، واللافت هنا أن الحاضرين، لم يستغلوا غياب أحد؛ بهدف ربح جولة أو موقف، ما يدل على أن هذه المجموعة، قد نجحت ببناء الثقة فيما بينها، على الرغم من خلافاتها، التي لا تزال موجودة، وبناء الثقة المتبادلة، بين أصحاب المواقف المختلفة من الأزمة السورية، في المجتمع السوري، هو العامل الأهم، الذي يجب التركيز عليه في هذه المرحلة، بعد أن فشلت كل محاولات التقارب، بين المعارضة السورية والنظام، كطرفين لمعادلة حل سياسي ممكن.

د. ناصيف نعيم مدير جلسات مجلس المدونة السورية ©

2023.11.2525.11.2023